تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


حظوظ الوساطة الفرنسية!!

اضاءات
السبت 7-9-2019
علي نصر الله

على خلفية الخروج الأميركي الأحادي من اتفاق فيينا، وبسبب ما أعقبه من تطورات خطيرة، صار مَعروفاً أن ثمة مُبادرة فرنسية مَطروحة على الطاولة، انبثقت من المَخاوف، أم من الحرص على حماية المصالح، أم من واجب مُحاولة منع التفجير، لا فَرق، المُهم أنها مَوجودة، مَطروحة، هناك دعم روسي لها وربما ترحيب دولي يعبر عن القبول.

إذا كان للوساطة الفرنسية من أهداف تتراوح بين حدي منع الاشتباك، والعودة للتفاوض، بمعنى مُحاولة منع وقوع الحرب، والسعي لترتيب مائدة تَفاوضية تُعيد إنتاج اتفاق نووي آخر، فإن نجاحها من عدمه يبدو أنه لا يتعلق فقط بالإرادات الدولية، بمقدار ما يتصل بدونالد ترامب الذي يَطمح لولاية رئاسية ثانية يَستخدم في الطريق إليها «النووي الإيراني» ورقة انتخابية، يَتلاعب بها فريق المُتهورين المُنتشرين على امتداد خط نتنياهو - بولتون.‏

الذي طُرحَ فوراً بالتوازي مع طَرح الوساطة الفرنسية، هو السؤال عن حظوظها بالنجاح، انطلاقاً من الوقوف على واقعية ما تَطرح، المُقاربات التي تَنطوي عليها، المَضامين المُعدّة، والأطراف المُشاركة، غير أن السؤال المطروح أيضاً والأكثر أهمية هو: ما الضمانات التي تَكفل التنفيذ والالتزام وعدم انقلاب الطرف الأميركي على الناتج، بحال النجاح بإنتاج اتفاق جديد، ذلك على نحو ما حصل مع أوباما - ترامب؟.‏

تَلَقُّفُ ترامب المُبادرة، والقفزُ بها مُباشرة إلى التعبير عن الرغبة بعقد لقاء ثنائي يَجمعه مع الرئيس الإيراني، هو أمرٌ غير عَقلاني، لا يَدل على الجدية، وفيه من التسرع والخفة ما قد يَدفع للسخرية من الجانب الأميركي الذي يُدرك ثقل الملف وأهميته، لكنه يُثبت حقيقة أنه لا يريد أن يَفهم مَداخله إلا من الاعتبارات الذاتية التي يَضع فيها ومعها الشروط غير المَقبولة على سطح مُرتفع اعتلاه مراراً، وما عرف سبيلاً للنزول عنه إلا باتفاق «فيينا» الذي انقلب عليه تالياً!.‏

اللقاءُ الثنائي الذي يريده ترامب لا مَعنى له ولا جدوى حقيقية منه، فقط يَقفز باتجاهه «ترامب المُرشح لا الرئيس» من بوابة أنه «ورقة انتخابية» مُتوهماً أن طهران قد تَمنحه إياها.‏

اللقاءُ الثنائي الذي يَتوقع ترامب حصوله على هامش اجتماعات الأمم المتحدة، لن يَقع، بل ربما لن تَقع بالأُفق المَنظور أي لقاءات ثُنائية إيرانية أميركية على أي مُستوى سياسي، ذلك أن الثقة الإيرانية بالأميركي تُساوي العدم وليس الصفر، وذلك أن أيّ تَفاوض لن يكون ثُنائياً وإنما في إطار مجموعة «5 + 1» التي لا يُمكن قبول عودة واشنطن لها إلا بعد رفع كل العقوبات، كلها بلا استثناء. هذا ما تَقوله طهران وتُؤكده ليس رَفعاً للسقوف، وليس تَحسيناً لشروط التفاوض، وإنما انسجام مع التزامها، وانطلاق مما تَنص عليه القوانين، وتَمسك بحقها.‏

حظوظُ المبادرة الفرنسية بالنجاح، تَكاد لا تُذكر، يُعتقد أنها ستُطوى سريعاً، وستُلاقي الفشل كمصير حتمي لأسباب مُتعددة يأتي في مُقدمتها:‏

أولاً: إن الجانب الأوروبي الحامل للمُبادرة لم يف بالتزاماته، وما زال تابعاً لواشنطن.‏

ثانياً: إن الجانب الأميركي لا يبحث في المبادرة الفرنسية عن اتفاق جديد، بمقدار ما يَسعى من خلالها لوضع شروط إخضاع على الجانب الإيراني.‏

ثالثاً: إقحامُ البرنامج الصاروخي الإيراني، فضلاً عن إقحام دور طهران الإقليمي، وعلاقاتها الدولية، بأي اتفاق جديد هو أمر مَرفوض، رُفضَ سابقاً، ولن يُقبل تحت أي عنوان.‏

رابعاً: طهران في موقع قوة، آخر ما تَحتاجه صفقة تُعيدها للخلف، وقد وضعت التنازلات خلف الظهر.‏

خامساً وأخيراً: في واشنطن تيار نَشط فاعل مُمتد يقوده فريق بولتون - نتنياهو، لا يرى مصلحة له إلا بإفشال أي مُبادرة للحل الذي لا يَجده بغير الحرب الشاملة، لكسر إيران، ولتَحطيم مُكونات محور المقاومة، خصوصاً الآن، بتوقيت اكتمال الهزيمة الصهيوأميركية في سورية ولبنان واليمن والعراق.‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 علي نصر الله
علي نصر الله

القراءات: 12313
القراءات: 1630
القراءات: 1287
القراءات: 1450
القراءات: 1409
القراءات: 1219
القراءات: 1467
القراءات: 1327
القراءات: 1449
القراءات: 1532
القراءات: 1536
القراءات: 1606
القراءات: 1875
القراءات: 1253
القراءات: 1328
القراءات: 1270
القراءات: 1642
القراءات: 1456
القراءات: 1416
القراءات: 1498
القراءات: 1446
القراءات: 1474
القراءات: 1448
القراءات: 1755
القراءات: 1454
القراءات: 1332

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية