تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


تصفية البغدادي ودفن الأسرار

اضاءات
الأربعاء30-10-2019
عبد الرحيم احمد

لن تشكل عملية التخلص من زعيم تنظيم داعش الإرهابي أبو بكر البغدادي أي تحول في مسار محاربة الإرهاب ولا في مسار أفول التنظيم الإرهابي الذي بدأ يخبو زخمه مع تراجع وتقهقر محور العدوان على سورية في اتساق يشي بالشيء الكثير.

وبالرغم من أنه لا يوجد ما يؤكد حقيقة تصفية البغدادي في عملية انبرى الرئيس الأميركي دونالد ترامب لتأكيدها والتبجح بها، وشكر عدة دول لمساهمتها في إنجاحها، بعضها استغرب ونفى علمه بها والبعض الآخر تفاخر بإنجاز ليس له يد فيه، إلا أن القصة بلا شك هي عملية إزاحة لزعيم التنظيم الإرهابي عن الساحة الإعلامية.‏‏‏‏

وسواء كانت عملية التخلص من البغدادي قتلاً أو إبعاداً عن الساحة الإعلامية، فإن الهدف منها في هذه اللحظة إعادة تعويم الولايات المتحدة كدولة في طليعة الدول المحاربة للإرهاب وتجميل صورتها دولياً إضافة إلى محاولة التغطية على المشاكل الداخلية التي يواجهها الرئيس ترامب من محاولة عزل تؤرقه منذ أشهر.‏‏‏‏

ربما تستطيع واشنطن أن تزيح رجلها الأول «جوكر الإرهاب» أو أن تدفن مع جثته في مياه المحيطات الكثير من أسرار العلاقة مع التنظيم الإرهابي، لكنها بالتأكيد لن تستطيع أن تمسح تاريخها سيء الصيت في إنشاء التنظيمات الإرهابية واستخدامها لتقويض الدول التي لا ترضى عنها أو لمواجهة دول أخرى في ساحات خارجية.‏‏‏‏

فعملية التخلص من زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن بالطريقة نفسها عام 2011، لم تمنع واشنطن من إعادة إنتاج هذا التنظيم تحت اسم جديد «داعش»، وتصفية البغدادي اليوم لن تكون إلا بداية «لماركة إرهابية» جديدة قد نسمع صوتها ونرى صورتها قريباً.‏‏‏‏

وإذا كنا لا نملك الدليل المادي على دور الولايات المتحدة في إنشاء التنظيمات الإرهابية، فتاريخ واشنطن بدعم تلك التنظيمات واقع ولا يحتاج إلى دليل، فجبال افغانستان ومغاورها تشهد على السلاح الأميركي الذي وصل إلى بن لادن، وجبل الثردة بريف دير الزور يذكر باحتقار شديد الدعم الموصوف من الطائرات الأميركية لعناصر «البغدادي» نفسه خلال هجومهم على نقاط الجيش العربي السوري وغير ذلك الكثير الكثير، ورمال التنف لا تزال تشهد.‏‏‏‏

تصفية البغدادي وإلقاء جثته في مياه المحيط هي نسخة من فيلم هوليوودي تمثله الإدارة الأميركية وتعيد إنتاجه وإخراجه بنسخات متعددة، ومادام هناك جمهور تستهويه قصص الخيال ومادام هناك من يرتضي أن يلعب الدور، سيعاد إنتاج الفيلم مرات ومرات.‏‏‏‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية