تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


الفانوس السحري

عين المجتمع
الأحد7 -4-2019
منال السماك

شبيك لبيك عبدك بين يديك.. اطلب و اتمنى.. عبارة سحرية يتمنى سماعها البعض بعد استحضار افتراضي لفانوس علاء الدين، و فركه بإلحاح و استجداء مع ضمر أمنية تنتمي إلى عالم المستحيلات ، و تسكن طيف الأحلام بعيدة المنال ،

إلا أن مارد الفانوس يحققها في الحال متجاوزاً مساحة الزمان ، و متحدياً حدود المكان و متجاهلاً تواضع الامكانيات ، ومحلقاً بالأمنيات على بساط سحري ، ليجعل الحلم حقيقة ملموسة تسير على أقدام واقع ممكن .‏

لطالما كان فانوس علاء الدين رمزاً للكسل و الاتكالية ، و الاعتماد على الغير لتحقيق الأحلام ونيل الأمنيات دون أدنى جهد يذكر ، فالفقير ذو الأيدي القصيرة و العين البصيرة و الجيوب المتهدلة يراوده حلم المصباح السحري، ليبلغ الغنى و هو مستسلم للراحة يلعن الفقر و يشتم الجوع ، و يحسد من هم أحسن حالاً منه بينما هو مستلق يعد النجوم ، و ينتظر مارد الأحلام المستحيلة لتهبط عليه ثروة من السماء على طبق من فضة دون سعي وراء الرزق .‏

لكلّ فانوس سحري مارد قد يكون شخصاً ذا حظوة قادرا على فتح الأبواب المغلقة لفرصة عمل حلم لخريج جامعي ملّ الانتظار ، أو موظف استكان للتراخي يحلم باختزال درجات السلم الوظيفي ، و القفز فوق الحواجز لنجاح و بروز عملي و بريستيج اجتماعي دون عناء ، و ربما زواج مصلحة يقود نحو منصب أو ثراء ينتشل من يهوون الصعود الصاروخي و حرق المراحل دون بذل جهد .‏

تعددت الفوانيس و المارد واحد ينتقل من اتكالي لآخر ، و من كسول إلى مستسلم لأحلام يقظة يبني قصوراً في الرمل ، و يرسم الأبراج في الهواء ، و يتخاطف الفانوس السحري و يتسابق على فركه و استحضار مارد الدخان ذي الأحلام الماردة ، التي تفوق إمكانياتهم و تتجاوز قدراتهم القزمة ، و مع ذلك ينتظرون فرصة سحرية لقناعة تامة بأن الحياة حظ و مصادفة و انتهاز و اقتناص فرص ، لا للتعب و السعي و الكد و سهر الليالي لطلب العلا ، فكم نحتاج إلى فوانيس سحرية لتحقيق الأمنيات و نيل المطالب بالتمني ؟!‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية