تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


إيلي أبي رزق ولوحات تطرح الأسئلة.. حساســـــية التواصــــــــل مــــــــع مدرســـــــة «ســــيزان»..

شؤون ثقافية
الأحد 8-9-2019
يتجه الفنان إيلي أبي رزق في مجموعة من لوحاته، لإعطاء مشاهده متانة وصياغة معمارية، أما في أعماله التجريدية فيهدف الوصول إلى الاتزان, الذي تؤديه أحياناً الخطوط السوداء، والتي تشير الى العناصر والأشكال الإنسانية.

ولا نستطيع أن نحصر لوحاته بتوجه فني محدد كأن نقول مثلا: أنه تعبيري أو تكعيبي أو تجريدي..الخ ذلك لأنه يقدم نفسه ضمن دائرة من الاختبار والحرية، تجعله غير محصور بتعبير محدد وغير مختصر بسمة مدرسية ضيقة، فاللوحة بالنسبة إليه يمكن أن تأتي بمعالجات وتقنيات مختلفة، وان حافظت على الروح الواحدة.‏

أجوبة مكثفة‏

وفي أعماله السابقة والجديدة تظهر أجوبة مكثفة لتساؤلات كثيرة حول التوجهات والانتماءات الثقافية والجمالية. ويكفي أن نقارن بين طريقة معالجته لعناصر الطبيعة والأشكال الإنسانية، حتى نواجه مدى التباعد والتقارب في آن واحد بين التجربتين، ورغم ذلك تبدو الروح التعبيرية واحدة وإن اختلفت في تقنياتها وطرق معالجتها، وهذا ما أسميه بوحدة الاختلاف أو وحدة التنوع, فهو في أعماله التجريدية، يجنح في اتجاهه التعبيري نحو الاختزال واضفاء المزيد من اللمسات اللونية العفوية، ويؤكد هواجسه الفنية في تأكيد أسلوبية خاصة ومميزة، وبالتالي فأعماله تشكل خطوة تصاعدية في تجربته المتواصلة منذ سنوات طويلة.‏

وتظهر في أعماله حالات التنقل بين الواقع والتجريد بمثابة خطوة حوارية تصالحية بين الاتجاهات التصويرية, لما بعد الانطباعية، وبالأخص مرحلة بول سيزان، وبين التجريد اللوني الذي يعتمد المساحات وحركات الخط اللوني.‏

وهذا يعني أنه يقدم ماله علاقة بثقافة العامة وثقافة النخبة معاً، مؤكداً أن الفن ليس حكراً على جمهور الصالات فقط, ومن خلال هدا التنقل بين التشخيص والتجريد يؤكد عدم انحيازه لاتجاه دون آخر وقدرته على تحويل نشاطه إلى فسحة للحوار والنقاش بين الأساليب والتيارات, فهو يرضي أنصار الواقعية التعبيرية وأنصار التجريدية في آن واحد. ويعطي الثقافة التشكيلية طابعها المشهدي الحقيقي، وخير دليل على قولي هذا إنه يقدم للجمهور تجارب تجريدية متطرفة في حداثتها.‏

عفوية بدائية‏

يبحث إيلي أبي رزق في أعماله التجريدية، عن منطلقات جديدة تعيد الاعتبار للاتجاهات الأكثر جرأة وحداثة، والتي توحي باستمرارية الهواجس البدائية ( على اعتبار أن الأعمال الفنية الحديثة التي تستعيد إشارات ورموز الفنون القديمة، قد فرضت وجودها في فنون العواصم العالمية منذ بدايات القرن الماضي). إنها لوحات لإثارة الأسئلة, لان الارتجال الذي نجده في حالات التلوين والتكوين يبعدنا مسافات عن الإشارات الواقعية المباشرة، ويدخلنا في جوهر الحالة التجريدية، والتي يعمل من خلالها لإبراز الصورة المتداخلة، بين المساحات التجريدية لاستعادة تخيلات الصورة القادمة من معطيات الأزمنة المنسية في العصور الحجرية.‏

وهو على هذا الأساس يرتبط بإيقاعات تشكيلية قديمة وحديثة في آن تذهب إلى مثل هذا التبسيط والتجريد والحرية، فيحول مساحة اللوحة إلى فسحة للتشكيل الحر القائم على موهبة حقيقية وثقة وخبرة، فيجسد الأشخاص مهتما باستقلاليتها وبما يجري داخل مساحتها من إضاءة تدخلنا إلى أغوارها ولا تتوقف فقط عند قشرتها الخارجية.‏

بناء معماري وهندسي‏

هكذا تطرح لوحاته أكثر من سؤال حول جدلية العلاقة المتبادلة والمتداخلة بين معطيات الفنون التعبيرية والتجريدية، ومدى القدرة التي يملكها في خطوات اختصار العناصر الإنسانية، والإبقاء فقط على اشاراتها الدالة عليها. وما هو لافت أيضا تلك الإيقاعات اللونية التي تهدأ مرة وتعنف مرة أخرى، فالمساحة تشف أحيانا إلى حد الصفاء اللوني وتبرز أحيانا بصياغة وحشية تنتجها الخطوطية الانفعالية في حركات الفرشاة أو سكين الرسم الحادة وبطريقة تنسجم مع خطه التشكيلي العام. هكذا يضعنا أمام تنوع بارز في أسلوب المعالجة للأشكال والألوان والإضاءة والانفعال الداخلي، الذي يحرك المساحة, وهذا ما نلاحظه من خلال تبديل مستوى وضوح الشكل الواقعي بين لوحة وأخرى، وبروز اللطخات اللونية، فتتدرج اللوحات من التصوير الحديث للأشكال إلى التشكيل التجريدي الذي يستخدمه أحيانا لقول ذاته بأقل مايمكن من الإشارات.‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية