تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


موندياليزاسيون.. ترامب.. وانتقاداته للحروب الأميركية في الشرق الأوسط

دراسات
الثلاثاء3-12-2019
ترجمة:حسن حسن

صرّح الرئيس الأميركي دونالد ترامب مؤخراً أن خوض الحروب في الشرق الأوسط (كان أسوأ القرارات التي اتخذت في تاريخ الولايات المتحدة على الإطلاق)، وبدلاً من أن يتلقى دعماً

واسعاً، اصطدم بانتقادات حادة من جانب عصبة الحرب في حلف شمال الأطلسي.‏‏

وكان الرئيس الأميركي قد رد على منتقدي مزاعم قراره بسحب القوات الأميركية من الشمال السوري برسالة مهمة على(تويتر) والتي جاء فيها (أنفقت الولايات المتحدة 8 بلايين دولار لخوض الحروب والحفاظ على استقرار الشرق الأوسط، وقد سقط لنا خلالها آلاف من الجنود صرعى أو أصيبوا بجراح خطيرة، كذلك سقط من الجانب الآخر ملايين القتلى، لقد كان تدخلنا في الشرق الأوسط هو أسوأ القرارات في تاريخ الولايات المتحدة قاطبة! دخلنا هذه الحرب بناءً على ادعاء كاذب جرى دحضه حالياً، وهي أسلحة الدمار الشامل التي لا وجود لها، واليوم نعيد بروية وحكمة جنودنا وجيشنا إلى منازلهم).‏‏

في الأيام التي تلت هذه الرسالة على (تويتر) بعض وسائل الإعلام الناطقة بالإنكليزية،(واشنطن بوست)أخذت تصريح الرئيس وأرفقت معه انتقادات حادة، وفي وسائل الإعلام الناطقة بالألمانية، في البداية كان وحده موقع (د.ت دوتشه) هو من أخذ هذا المقطع وعلق عليه.‏‏

ما يثير الدهشة هو أن تصريحات الرئيس كان لها هذا التأثير الحقيقي - وهي ما كشفت عن تبدل جذري في السياسة العالمية، لم يكن محتوى الرسالة هو ما أثار كل هذه الزوبعة، فالتعليق على الحروب الأميركية في الشرق الأوسط عرفناه منذ زمن بعيد من قبل أشخاص تعاطوا معها بصورة ناقدة، لكن ما هو مؤثر أن التصريحات صدرت عن رئيس الولايات المتحدة، فمنذ 2003 أي عام اجتياح القوات الأميركية للعراق، لم تصدر تصريحات مماثلة عن رئيس أميركي أو حتى مسؤول حكومي في حلف شمال الأطلسي بأوروبا.‏‏

وحده المستشار الألماني غيرهارد شرودر من اعترف منذ سنوات- أي عندما لم يكن مستشاراً- أن الحرب العدوانية التي شنت على جمهورية يوغسلافيا الاتحادية عام 1999، وخلال ولايته وبمشاركة ألمانية، كانت انتهاكاً صارخاً للقانون الدولي وحتى اليوم لم يقم مسؤولو حلف شمال الأطلسي اعتباراً لهذا الأمر - وعلى الرغم من أن تصريح شرودر صحيح، إلا أنه لم يلق آذاناً صاغية، وأن شيئاً لم يتغير في هذا السياق، غير أن صندوق (باندورا) للشرور فتح منذ عام 1999.‏‏

يبقى أن نعرف ما إذا كان لتصريحات الرئيس الأميركي دونالد ترامب نتائج وتأثيرات، فكل شخص واجه جنون الحروب الأميركية وحلف شمال الأطلسي في السنوات الأخيرة الماضية ولفت الانتباه إلى الظلم والضحايا والدمار الناجم عنه، يمكن اليوم أن يعزا إليه، ويجب أن يلصق تصريح ترامب على لوحات إعلانية كبيرة في كل مدينة وقرية من الدول الأعضاء في الأطلسي وكذلك في كل مدينة وقرية من بلدان الشرق الأوسط، لا بل في كل بلد من بلدان العالم.‏‏

والسؤال الحالي هو: كيف علينا أن نواجه مستقبلنا؟ هل نستمر كما كنا في العقود الماضية بالاتجاه نحو هاوية الحرب؟ أم نعي أن كل قرار يتخذه أي بلد باعتماد سبيل الحرب هو: (أسوأ القرارات في تاريخ البلاد؟).‏‏

أما بخصوص قرار الرئيس ترامب القاضي بسحب القوات الأميركية من الشمال السوري، فإن الرئيس ترامب تلقى انتقادات حادة من عدة أطراف التي أكدت أن هذا القرار هو المسؤول عن اجتياح القوات التركية والآلام التي لحقت بالأكراد، لقد تخلت الولايات المتحدة عن الأكراد رغم قتالهم ضد (داعش)، غير أنه غاب عن أذهانهم التنويه أن القوات الأميركية - مثلها كمثل القوات الأخرى من بلدان حلف شمال الأطلسي، بمن فيهم الأتراك - لم يكن لهم الحق في الوجود على الأراضي السورية.‏‏

إن الحكومة السورية لم تطلب منهم العون في أي نزاع عسكري ولا في أي أمر آخر، بل على النقيض من ذلك، شاركت هذه القوات الدخيلة ومنذ زمن طويل في دعم الجماعات الإرهابية في سورية التي قاتلت القوات السورية بشراسة واحتلت دون وجه حق أجزاءً من البلاد، الولايات المتحدة وبلدان أخرى من الحلف الأطلسي اتخذت هذا القرار بصورة فردية وخلافاً للقانون الدولي.‏‏

ما ليس واضحاً هو أن وقف إطلاق النار الذي يتم التفاوض بشأنه سيفضي إلى وقف إطلاق دائم، وإذا كنا نريد أن نعطي قيمة للقانون الدولي فإنه علينا أن نراعي الوقائع التي تلي ذلك، لكي يستطيع المواطنون السوريون ممارسة حقوقهم وواجباتهم، من الضرورة بمكان أن تستعيد الدولة السورية بسط سيطرتها على كامل التراب الوطني السوري، ويمكن أن يساهم تقدم الجيش السوري في الشمال السوري في تحقيق هذا الأمر، وعندئذ يبدو كل شيء ممكناً، من مواصلة المفاوضات بين الحكومة السورية وممثلي عن الأكراد لتوضيح أي حقوق وأي مكاسب خاصة بهؤلاء يمكن أن يحصلوا عليها في المستقبل.‏‏

إن المفاوضات المكثفة التي تجريها الحكومة الروسية يبدو أنها تهدف إلى إنهاء الحرب والخروج من دوامة العنف في سورية، وهذا ما يجب أن نتمناه لهذا البلد الضحية ولمواطنيه وكل الناس الذين يرغبون العيش فيه بأمن وسلام.‏‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية