تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر

Attr

الخميس 28/10/2004م
مروان دراج
مع بدء موسم قطاف الزيتون وتسويقه, تكاد لا تخلو صحيفة محلية من تقرير إخباري أو مقالة تحليلية تتناول وبأدق التفاصيل المخاطر التي تتركها معاصر الزيتون لجهة تلوث البيئة,

وهذه المشكلة القديمة- المتجددة, وعلى الرغم من التواتر المتواصل في إعادة إنتاجها وإظهار آثارها السلبية على صحة وسلامة البشر, فهي ما زالت قائمة ولم يصار إلى معالجتها, مع أن كل المؤشرات والتقارير الرسمية تشير وبلا مواربة إلى اتساع مساحتها وإمكان تفاقمها عاما تلو الآخر.‏

ولعل من بين الأسباب التي تجعل من معاصر الزيتون موضوعا ساخنا في مثل هذا الوقت من العام, هو أن هذه المعاصر لم تشهد أحوالها أي تبدلات تقنية منذ نحو نصف قرن من الزمن- حسب بعض التقديرات, وهو ما يعني, ليس فقط عدم محاكاة التقنيات التكنولوجية الحديثة التي من شأنها خفض ما أمكن الكميات التي تجد طريقها إلى الهدر والتبديد, وإنما أيضا تفاقم التلوث الذي ينجم عن مخلفات الزيتون, فالماء الأسود الذي يصدر عن الزيتون خلال مراحل عصره ويدعى ب¯ (الجفت), غالبا ما يلقى طريقه إلى الأنهار والبحيرات القريبة أو إلى التربة الزراعية, وكل هذا في وقت تؤكد فيه الدراسات العلمية والطبية, على أن الماء الأسود يحوي على عناصر خطرة على صحة الإنسان ويؤدي في كثير من الحالات, إلى قتل الكائنات الحية والنباتات التي يمكن للإنسان الاستفادة منها.‏

وللدلالة على مثل هذا الأمر, فإن الجهات المعنية اضطرت على مدار السنوات الماضية إلى إغلاق عشرات الآبار في المحافظات الساحلية, نتيجة تلوثها بمخلفات المعاصر.. وهذا الإجراء الذي تتباهى به بعض البلديات في معالجة المشكلة قد يشكل حلا مؤقتا, لكنه لا يمثل حلا نهائيا, ذلك أنه يبقي واقع التلوث على حاله, ويسهم في حرمان سكان بعض المناطق الريفية من مياه الشرب.‏

حقيقة لا نجد ما يسوغ هذا الصمت الذي يحيط بمعاصر الزيتون القديمة وعدم مواكبتها للتقنيات الحديثة.. وإذا كان هناك من ينادي في الوقت الحاضر بضرورة إعادة هيكلة القطاع الصناعي بشقيه العام والخاص, وتوظيف التقانات الحديثة تناغما مع سياسة الإصلاح الاقتصادي, فإن معاصر الزيتون هي جزء أساسي من هذا القطاع, ويتعين عليه اللحاق بركب التكنولوجيا, وما يزيد من ضرورة حضور الأخيرة, أن المساحات المزروعة بهذا المنتج ليست محدودة أو تكاد لا تذكر, مثلما هو واقع الحال في بعض البلدان العربية.‏

فسورية تحتل المرتبة السادسة عالميا والثانية عربيا لجهة الإنتاج.. والأهم من كل هذا, أن معاصر الزيتون تأتي في المرتبة الثالثة بعد عوادم السيارات والمنشآت الصناعية غير النظامية من ناحية الدور الذي تلعبه في تلوث البيئة.‏

قبل نحو العامين, أصدرت الحكومة قانونا صريحا فيما يخص الحفاظ على سلامة البيئة, غير أن هذا الأخير بقي مجرد حبر على ورق, وذلك في وقت يمكن لهذا القانون أن يشكل مرجعية قانونية يتم بموجبه إلزام أصحاب المعاصر بتجديد وسائل الإنتاج, لكن على ما يبدو أن البعض ما زال عن قصد أو غير قصد, يساعد على تهميش دور هذا القانون بدلا من العمل على تفعيله لحماية البيئة والبشر في آن.‏

 

 مروان دراج
مروان دراج

القراءات: 30372
القراءات: 30384
القراءات: 30372
القراءات: 30373
القراءات: 30376
القراءات: 30373
القراءات: 30375
القراءات: 30373
القراءات: 30373
القراءات: 30373
القراءات: 30374
القراءات: 30375
القراءات: 30368
القراءات: 30374
القراءات: 30375
القراءات: 30373
القراءات: 30376
القراءات: 30371
القراءات: 30372
القراءات: 30372
القراءات: 30374
القراءات: 30373
القراءات: 30366
القراءات: 30373
القراءات: 30376
القراءات: 30373
القراءات: 30368
القراءات: 30370
القراءات: 30372

 

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية