تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر

Attr

الخميس 2/9/2004
مروان دراج
ماذا عن حصاد التنمية الإدارية في المؤسسات والهيئات الحكومية بعد سنوات من الوعود واستنفار الجهود لمحاربة الأنماط القديمة والبالية في الإدارة?!

هذا السؤال يتبادر إلى أذهان الكثيرين من الذين يتطلعون إلى الإصلاح بأشكاله وأنماطه المختلفة, وحضوره في الوقت الحاضر, بمثابة ضرورة لإعادة تقويم التجربة والاستفادة من الأخطاء والمعوقات التي ما زالت تمنع هذه التنمية من التحول إلى واقع مشخص, بعيداً عن ساحة النوايا والشعارات.., فالأمر الذي يمكن قوله, وتردده غالبية الناس سراً وعلانية وفي مناسبات رسمية وغير رسمية, الإصلاح الإداري المأمول ما زال يتراوح في المكان, وفي أحسن الأحوال يشق طريقه بخطوات هي أقرب إلى خطوات السلحفاة,.. وباعتقادنا أن مثل هذه الرؤية غير مبالغ فيها على الإطلاق, ما دامت مظاهر الروتين والبيروقراطية تزداد اتساعاً وحضوراً في بعض المؤسسات وتنحسر نسبياً وبدرجات متفاوتة في بعضها الآخر, فعلى سبيل المثال لا الحصر, المواطن العادي الذي يتوجه إلى الدوائر الحكومية بهدف إنجاز معاملة بعينها, ما زال يشكو ويتأفف ويظهر الكثير من عدم الرضى. حتى أن انتعاش ظاهرة اللجوء إلى معقبي المعاملات هي بمثابة برهان على ازدياد التعقيدات الإدارية بدلاً من انحسارها. وحسب تجربة -كاتب هذه السطور- خلال الشهر الماضي, فإن المصادقة على وثيقة عادية من القصر العدلي بدمشق, بحاجة لتبديد ما يزيد على الساعتين.. ويمكن إنجازها بدقائق.! والحصول على قيد عقاري من المصالح العقارية أيضاً في دمشق يستدعي الانتظار لمدة زمنية لا تقل عن اليومين أو ثلاثة.. في حين هناك من أنجزها بأقل من نصف ساعة, وسواها من الأمثلة التي يمكن معاينتها يومياً في أكثر من مؤسسة رسمية.‏

والأمر البديهي, أن التنمية الإدارية لا تتمثل فقط في سرعة إنجاز وثيقة أو معاملة, ولا حتى في تجسيد أمثل لتجربة النافذة الواحدة التي لم تر النور سوى على الورق,.. وإنما هي عملية نهوض متكامل وتبدل جذري في آليات العمل الإداري الذي يؤدي تدريجياً إلى التخلص من مظاهر الروتين والبيروقراطية والمعاملات الورقية بكافة أشكالها.‏

والأهم من هذا كله, أن مقياس نجاح هذه التنمية ليس مرهوناً في إحداث تبدلات في آليات التعاطي اليومي بين المؤسسات والأفراد فقط. وإنما لابد من نجاحها أيضاً في الأداء اليومي للمؤسسات التي تسهم وبشكل مباشر في رفع وتائر التنمية, فبعض المؤسسات, إن لم نقل غالبيتها لم تتمكن في السنوات الأخيرة من توظيف الاستثمارات الواردة في بند الإنفاق الاستثماري بسبب تراكم العجز الإداري. فبعض المشاريع تتوقف عن العمل بسبب تعقيد التعاملات المصرفية أو التلكؤ في إصدار قرار من هذه الجهة الرسمة أو تلك. ومناقصات كثيرة يعلن عنها وتلغى أكثر من مرة نتيجة الاكتشاف المتأخر لبعض الأخطاء في دفتر الشروط أو لأسباب أخرى ناجمة عن غياب الكفاءات التي تناط بها مسؤولية صوغ خطط وبرامج بعض المؤسسات.‏

واقع الحال يقول: إن ثمة ضرورة تستدعي من الحكومة, إعادة تقويم تجربة الإصلاح الإداري, والتقويم لا يعني عقد الاجتماعات وتنظيم الندوات والمضي بسياسة الوعود, وإعادة إنتاج الخطط والبرامج الجذابة, وذات المضمون اللغوي المعسول, وإنما لابد من خطة عمل واقعية تقوم على الشفافية التي تأخذ بمفهوم المساءلة والمحاسبة,.. وأيضاً يتعين مطالبة هذا المسؤول أو ذاك بإنجازات محسوسة وقابلة للقياس ومعرفة جوانب النجاح والتقصير في آن.. وكل هذا يستدعي حضور النوايا الحسنة لا أكثر!.‏

 

 مروان دراج
مروان دراج

القراءات: 30372
القراءات: 30384
القراءات: 30372
القراءات: 30373
القراءات: 30376
القراءات: 30374
القراءات: 30375
القراءات: 30374
القراءات: 30373
القراءات: 30374
القراءات: 30374
القراءات: 30375
القراءات: 30368
القراءات: 30375
القراءات: 30375
القراءات: 30374
القراءات: 30376
القراءات: 30372
القراءات: 30372
القراءات: 30373
القراءات: 30374
القراءات: 30374
القراءات: 30366
القراءات: 30374
القراءات: 30376
القراءات: 30373
القراءات: 30369
القراءات: 30370
القراءات: 30372

 

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية