تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


رأي... من تاء التأنيث إلى نون النسوة الزرقاء..ملامــح مـن مشــهد الإبـداع الانثـوي..

دائرة الثقافة
ثقافة
الثلاثاء 1-10-2019
ثمة من قال ان المرأة ظلمت في معاجم اللغة العربية وقدم كلمات يرى أنها تدل على ما يعنيه..ولكن الحقيقة غير ذلك تماما فالكلمة أنثى واللغة الشاعرة أنثى وكل ما لايؤنث كما قال متصوف عربي..

لايعول عليه لانه ليس بخصب وعلى هذا المعنى الابداع الثر هو من نسغ الخصب الأنثوي ولا يمكن القول أنه اقل درجة من ابداع الرجل..‏

فكلاهما من صنف واحد شرط أن يكون الابداع ابداعا, ولكن ثمة من يرى ويقول لقد تغير الحال وجرت نون النسوة الكثير من الشوائب على إيداعها هي.. فلا تاء التأنيث اخذت دورها.‏

بكل الاحوال يمكننا أن نقول أن استعادة دور المرأة في عالم الإبداع لم يكن سهلا لاسيما انها كانت قد حافظت عليه حتى جاء ما سمي عصر الانحطاط إذ بدأت رحلة الانحدار نتيجة الواقع الاجتماعي المتخلف.‏

استمر الامر الى ان بدأت عصور اليقظة مع مطلع القرن العشرين وبداية الريادة ودفع الثمن من قبل المرأة المبدعة.. هل نذكر بماري عجمي ومي زيادة وباحثة البادية وملك حفني ناصيف وغيرهن كثيرات.‏

هؤلاء رواد التأسيس ليأتي جيل بعدهن رسخ الخطوات ولكنه ايضا دفع ضريبة كبرى.. فدوى طوقان ونازك الملائكة وسلمى خضراء الجيوسي, وفي سورية ألفت أدلبي ومقبولة الشلق وسلمى الحفار الكزبري وقمر كيلاني وغادة السمان وغيرهن كثيرات ممن لاتسعف الذاكرة ذكرهن.‏

على هذه الدروب الممتدة من الريادة إلى السيادة ازدهر الإبداع الأنثوي ورسخ معالمه بل ربما اسس لنهضة مختلفة الم تكن نازك الملائكة من فجر قصيدة التفعيلة حين وقت ولادتها.‏

لكن للاسف منذ مطلع تسعينات القرن الماضي لم يترسخ المشهد بالعمق الذي يمكن الحديث عنه.. الا مجموعة أسماء حفرت مجراها في المشهد الإبداعي بقوة في الساحة السورية ويمكن الإشارة هنا إلى انتصار سليمان وهيام منور كاسماء شعرية مهمة حققت مسارا متميزا وسط ركام مزدحم.‏

ولكن الأمر لم يكن كذلك بعد مطلع القرن الحادي والعشرين ولاسيما بعد فورة الأزرق وتحول كل من امسك جهازا محمولا رجلا كان ام امرأة إلى شاعر أو شاعرة.‏

وضاعت المعايير بكل شيء فورا ء كل هلوسة حرفين على الأزرق آلاف المعجبين من الذكور وبحر متلاطم من شارات الاعجاب التي صارت معلما نقديا وثروة يتوهمها مدعو الابداع.‏

ما أن تكتب إحداهن حرفا حتى ترى هلاميات اللغة بكل ما في اللوثة من جهل مثل (احسنتي.. حلاكي ابداعكي.. اروع شاعرة...) نعم احسنت يضعون ياء بدلا الكسرة.. ناهيك بما نتحفهم نحن الرجال بمعلقات النقد فورا ء كل شاعرة فيسبوكية عشرات النقاد بدءا من بعضنا نحن العاملين في الإعلام الثقافي إلى من فتح دكاكين منح شهادات الدكتوراه لمن تحمل وجها حسنا.. وغدت الصورة الشخصية بنية القصيدة الدرامية وعليها يكون الأساس في تدبيج المديح.‏

هل تصدقون أن شاعرة كتبت ٣٠ كلمة متناثرة.. جاء من يكتب اكثر من ١٠٠٠ كلمة كقراءة معمقة كما يقول في قصيدتها.‏

هذا لا يعني أن المشهد بكامله كذلك.. لا فثمة أصوات حقيقية تسعى لحفر مجرى ثابت وتعمل بصمت بلا ضجيج.. لكنها مغيبة طوعا أو كراهية عن الحضور.. لان نون النسوة الزرقاء هي التي تتسيد الموقف وبكل الاحوال هذا الأزرق بمقدار ما ساهم بنشر روائع الابداع وشكل منبرا مهما بقدر ذلك ثمة من اضعفه وضيع بهجته ولكن غربال الزمن كفيل بالامر..فلا واو الجماعة التي قطرت تاء التأنيث وراءها ممكن ان تبقى قاطرة ولا التاء مقطورة.‏

الذي كان ولا نون النسوة التي صارت فاعلا بقيت على فاعليتها.. فهل هذا حقا هو المشهد.. وكيف يمكن الفصل التعسفي بين ابداع وآخر من حيث الجنس لا الموهبة والأصالة والانتماء والقدرة على حجز مكان ما في هرمية المشهد.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية