تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


موقع جغرافي واستراتيجي حسّاس... الفقر والنفط لا يجتمعان إلا في اليمن !!

دراسات
السبت 7-9-2019
زينب العيسى

«اليمن السعيد» كما وصف في الكتب القديمة والتاريخية، واليوم يقول البعض إن بات اليمن غير سعيد بل فقيراً أيضاً وذلك بسبب أطراف منها السعودية والإمارات وأميركا التي تحاول تمرير أهدافها على شقاء وأشلاء أبناء اليمن،

ولكن من يقول إن اليمن فقير؟ اليمن كان ولايزال محطّ أنظار ومطامع كل الدول الاستعمارية بسبب موقعه الجغرافي الاستراتيجي المهم وثرواتها الضخمة والمتعددة المصادر، وبدلاً من أن تكون جغرافيا وثروات اليمن نعمةً لأهلها، تحوّلت إلى نقمةٍ عليهم، وصاروا ضحايا لصراعات تلك الدول فيما بينها على النفوذ العالمي.‏

المراقبون أو المهتمون بالشأن اليمني يركّزون على أهمية موقع اليمن الجغرافي، لمعرفة الطموحات والأطماع المبيتة والمعلنة لمحاور الشر التي تتصارع لتثبيت موطئ قدمها في هذا البلد، وتأتي أهمية الموقع الجغرافي لليمن من كونها: تقع في الجزء الجنوبي الغربي من شبه الجزيرة العربية، أي في جنوب غرب آسيا، ومن خلال مشاهدة الخريطة يتضح لنا جلياً أن الـيمن يعتبر أحد أهم بوابات المنطقة، باعتباره المتسيّد على البوابة الجنوبية للشرق الأوسط، وما يضاعف أَهمية موقعه، إطلالته المباشرة على مضيقٍ مهم في العالم وهو مضيق باب المندب الذي يتحكّم بالمنطقة المائية البحرية التي تفصل قارة آسيا من ناحية الشرق وإفريقيا من ناحية الغرب، ويربط المحيط الهندي وبحر العرب بالبحر الأبيض المتوسط، ومن خلال التمعّن في الخارطة، نلاحظ انتشار جزرها في مياهها الإقليمية على امتداد بحر العرب وخليج عدن والبحر الأحمر، وهذا ما عزّز سلطة اليمن على هذا المضيق الحيوي.‏

ووفقاً للإحصاءات، يمـرّ في مضيق باب المندب حوالي 3،3 ملايين برميل نفط يومياً، وهذا ببساطة يؤكد مصلحة الدول الاستعمارية في السيطرة على هذا الشريان الدولي الذي تتدفق منه الطاقة لأهم وكبرى الدول الصناعية الأوروبية.‏

إن البطالة والأوضاع السياسية غير المستقرة هي أمور جعلت الشعب اليمني في غفلة عما يملكه من ثروات بل جعلت أيضاً هذه الثروات عرضة للنهب والسرقة من قبل الدول الاستعمارية.‏

وتتحدد ثروات اليمن فيما يلي: اليمن الفقير غني بالموانئ، أهمها ميناء عدن عصب التجارة العالمية وأهم ميناء استراتيجي في العالم، وهناك العديد من دول العالم ترغب الاستثمار في هذا الميناء، وقدر الخبراء 75 مليار دولار أقل العائدات من الميناء وملايين الفرص لليمنيين.‏

ويأتي بعد ذلك ميناء الحديدة، ثاني أهم ميناء في البحر العربي وهو أفضل من موانىء السعودية والسودان والقرن الإفريقي والاستغلال الأمثل لهذا الميناء سوف يجعله أكبر محطة ترانزيت مع ميناء الصليف المجاور ويمكن تقدير الحد الأدنى للدخل السنوي للميناء بـ40 مليار دولار، هذا بجانب موانئ بحر العرب بالإضافة إلى الامتداد الساحلي، الذي سوف يجعل من هذه الموانئ بعد تطويرها من جانب المستثمرين أكبر محطات ترانزيت عالمية تضاهي شبه القارة الهندية ودول شرق آسيا وبالإمكان أن تكون محطات لحاملات الطائرات من كل دول العالم ويمكن لليمن أن تجني من ورائها ما يتجاوز الـ100مليار دولار سنوياً. اليمن يمتلك موارد طبيعية هائلة، ففي منطقة الجوف المحاذي للسعودية يوجد بها خزان هائل من النفط يحتوي على مخزون أكبر من مخزون السعودية والإمارات والكويت مجتمعة، هذا بجانب حقول النفط الأخرى.‏

وتحتضن أرض اليمن المعادن، وهي من أهم الثروات (المنسيّة)، والمعادن لو استغلت بشكل كامل، فهي كفيلة بتحقيق الرخاء و قلب معادلة الفقر والبؤس بين أفراد الشعب الفقير، ليصبح من أقوى وأغنى الشعوب، فأرضها خصبة بالمعادن عالية النقاوة والمهمة من معادن البازلت واللفت والدولاميت ، بالإضافة للمعدن الثمين (الذهب) والفضة، وبنسب مرتفعة جداً، هذا بالإضافة لمعادن مهمة واحتياطيات عالية من معادن الرصاص والزنك خاصة في مدن صنعاء وحضرموت وشبوة، وكذلك الجبس حيث يقدر احتياطي اليمن منه بـ4,6 بلايين طن، وبنسبة نقاء تصل لـ97,5%، كما تنتشر (الأطيان الصناعية) في عدة مدن ومحافظات من البلاد، وتشير دراسات إلى وجود (الرمال الزجاجية) فيها والتي تشكّل ستة مليارات احتياطي العالم في عدة مناطق هناك.‏

أملاك اليمن من احتياطي المعادن الخاصة بصناعات الأسمنت تخولها لتصبح من أول الدول في صناعة هذه المادة في الشرق الأوسط ، ويتميّز هذا النوع من الإسمنت بمقاومته العالية للرطوبة، هذا بالإضافة للاحتياط العالي من الملح الصخري ليقدر بـ390 مليون متر مكعب، ويمتلك اليمن في أعماقه (أكبر مخزون احتياطي من الجرانيت والرخام) على مستوى الشرق الأوسط بأسره، ويعدّ من أجود أنواع الرخام على مستوى العالم، حيث يمتاز بقوته وصلابته وتعدد ألوانه التي تتراوح من (10 - 15) لوناً.‏

أما عن مصادر المياه فيوجد في هضبة حضرموت أكبر خزان مائي في جزيرة العرب وهو عبارة عن تريليونات من الأمتار المكعبة، ولا يمكن نسيان البن اليمني، الذي يعدّ أقوى من البترول، هذا إلى جانب الثروة السمكية.‏

لو تم التنقيب عن هذه الثروات من قبل الشعب اليمني بكل تأكيد كانت ستتغير أحوال البلاد لتصبح من أغنى الدول اقتصادياً بالإضافة للعراقة التي حملها تاريخ اليمن، وستصبح بحق حينها بلاد «اليمن السعيد» فمتى سيعلم اليمنيون أن بلدهم غير فقير؟ .‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية