تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


أطفالنا ووسائل التواصل الاجتماعي .. رهان الوهم أم ؟

مجتمع
الخميس7-11-2019
عبد المعين زيتون

يعمد الكثير من اﻵباء إلى تعريض أطفالهم الصغار بمن فيهم «الرضع «إلى أنواع مختلفة من وسائل اﻹعلام ويضعون في متناول أياديهم الناعمة بسرورأجهزة الهاتف المحمول معتقدين عن طيب ظن ،

‏‏

أن تعرض اﻷطفال ، لاسيما الصغار منهم ، لا يؤذيهم ، بل ربما يسليهم من دون أن يترك أي أثر فيهم ، هذا إذا ما نظرنا للأمر بصورة ظاهرية بسيطة.‏‏

لكننا وبتفحص أعمق لهذه الظاهرة التي انتشرت على مستوى واسع في السنوات اﻷخيرة ، نرى بيسر أن ترك اﻷطفال عرضة لتلك الوسائل ، وعبثهم في أجهزة الهواتف المحمولة واﻷجهزة الكفية اﻹلكترونية المختلفة ، إنما يعني ببساطة تخلي اﻷبوين طوعا عن دورهم ، الأبوي الهام في كل مراحل نموهم وتقديم أب (ثالث) ﻷطفالهم ، لن يقوم بدورهم ومسؤولياتهم اﻷدبية والتربوية الصحيحة .‏‏

بل ما سوف يحصل هو العكس ؟ فالطفل بين هذه اﻷجهزة ، هو عرضة للتأثير غير المنضبط ، مع أجهزة وأدوات ووسائل ، غير منضبطة بالمطلق وهنا يذهب أحد الباحثين التربويين إلى أبعد من ذلك ، في سياق أبحاث قام بها ، وهو يروي كيف أصيب بالصدمة ، عندما روت له إحدى طالباته أنها عمدت بترك ابنها الرضيع (دون السبعة أشهر) ، يشاهد التلفزيون ، وهو يحمل في الوقت نفسه جهازا محمولا ، بدعوى اﻹنشغال في شؤون البيت !.‏‏

ويؤكد باحثون في هذا الشأن خطورة هذه الظاهرة ، وإلحاقها أضرارا متباينة في اﻷطفال -لا سيما الصغار والرضع- ﻷن هذه اﻷجهزة واﻷدوات الإلكترونية تضر أيما ضرر بسلامة الطفل وتكوينه وصحته النفسية ، لاسيما وأن اﻷبحاث العلمية المستمرة على هذا الصعيد ، لم تأت بدليل واحد على أي فائدة يحصل عليها الطفل جراء العبث بهذه اﻷجهزة أو تركه عرضة لها .‏‏

وتشير الدراسات أن العكس هو الذي يحدث بالفعل ، وقد ظهر التشتت وهبوط القدرة على التركيز لدى اﻷطفال الذين تركوا عرضة لهذه اﻷجهزة ،غيرها من وسائل اﻹعلام ، لاسيما التلفزيون .‏‏

ولعل هذه الظاهرة الشائكة ، تضعنا دون أدنى شك أمام احتمالات غير مرغوبة في وقوع أضرار متفاوتة الشدة على اﻷطفال الصغار جدا واﻷطفال الرضع ، نتيجة تعرضهم لتأثيرات مشاهدة التلفزيون ، أو اﻷجهزة الهاتفية النقاله ، وينبغي لﻷبوين -والحال كما أشرنا - النأي والابتعاد عن المجازفة بترك الحرية لﻷطفال الصغار جدا واﻷطفال الرضع بالتعامل مع هذه اﻷجهزة على هواهم ، دون استثناء التلفزيون من هذا التحذير الذي أطلقه مؤخرا باحثون في هذا الجانب التربوي الهام ..‏‏

وقد خلصت دراسات المسح الاجتماعي ، إلى أن أجهزة التواصل والتلفزيون ، تسهم في تحفيز اﻷطفال بطرق عبثية وغير منضبطة من جهة، كما تسهم في إلقاء الخوف والرعب في روعهم ، من أثر برامج (العنف الكوميدي) ، المنتشرة على مستوى واسع في أجهزة الهواتف المحمولة ، والتلفزيون على السواء .‏‏

وقد لاحظ العلماء التأثير المباشر والفوري على اﻷطفال الذين أدمنوا -بإهمال أبويهم- في المراحل الباكرة من أعمارهم ، على متابعة مثل هذه البرامج -لاحظوا- ميولهم الواضحة للعنف ، فيما يلي مرحلة الطفولة، كما لا حظوا ، أنه وكلما تعرض الطفل لمشاهد العنف في صغره ، كلما ازدادت احتمالات اتسامه بسلوك عنيف في وقت لاحق من عمره .‏‏

ولعل اﻷخطر من ذلك هو أن بعض اﻷطفال الذين اختزنوا في ذاكرتهم مشاهد العنف ، كانوا خائفين من أن يكبروا ، وهذا ما يسهم في تعطيل عملية النمو لديهم ، وسيرها بطريقة سليمة وصحيحة .‏‏

وما يهمنا ويعنينا في النهاية هو الجواب على أسئلة حاجة الرضيع حقا للأجهزة المحمولة ؟‏‏

ومدى حاجة اﻷطفال الصغار لهذه اﻷجهزة ؟‏‏

والحقيقة أن تربية الطفل لا ينبغي أن تكون عرضة لعبث اﻵباء واستهتارهم ، والتفريط بأبنائهم ودفعهم لمصائر غير حميدة في المراحل التالية للطفولة ، ففي التربية لا بدّ من إجراء الحسابات وإيلاء الاهتمام البالغ ، إذا ما شئنا ورغبنا بجيل سليم ومعافى .‏‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية