تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


الإدانة من فم ترامب.. والصامت الإعلامي شيطان الحرب!!

عن: موندياليزاسيون
دراسات
الثلاثاء 15-10-2019
ترجمة: سراب الاسمر

على خلفية الإدانات التي وجهها حزب اليمين الجمهوري للحزب الديمقراطي حول قرار ترامب بسحب القوات الأميركية من سورية نشر الرئيس الأميركي تغريدة على تويتر يدافع فيها عن سياسته:

( أنفقت الولايات المتحدة ثمانية آلاف مليار دولار على حروبها في الشرق الأوسط، قتل وأصيب خلالها الآلاف من جنودنا الأقوياء، وقتل ملايين الأشخاص من المعسكر الأخر، اتخاذ قرار التدخل في الشرق الأوسط كان من أسوأ القرارات في تاريخ دولتنا.. لقد ذهبنا إلى حرب مبنية على افتراضات زائفة واليوم ثبت نفي الأمر بوجود (سلاح دمار شامل).‏

منذ تولي ترامب منصب رئيس الولايات المتحدة وحسابه على تويتر يسيطر على الأخبار المحلية .‏

أدخلت التغريدات سياسات جديدة حول الهجرة، وأعلنت عن فصل متكرر لموظفين في البيت الأبيض كما أشارت لإحداث تغييرات في سياسة أميركا الخارجية .‏

في الشهر الماضي، على خلفية التحقيق الذي ركزت فيه الإدارة الديمقراطية للكونغرس على مسائل (الأمن الوطني) نتيجة مكالمة ترامب الهاتفية مع الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في ٢٥ تموز سجل الرئيس الأميركي رقماً قياسياً شخصياً ٨٠٠ تغريدة .‏

مع ذلك فضلت وسائل الإعلام الكبرى تجاهل تغريدات ترامب حول التدخل العسكري الأميركي المطول في الشرق الأوسط .‏

من وجهة نظر الصراع العنيف الذي دار وسط الدولة الرأسمالية الأميركية، أظهرت هذه التغريدة الانقسامات الواضحة حول استراتيجية الولايات المتحدة العالمية، ففيما ترغب حاشية ترامب التحضير لمواجهة الصين، بالمقابل وجدت الطبقات السياسية والعسكرية والمخابراتية أنه من الحيوي استمرار التدخل الأميركي في السيطرة على منطقة الشرق الأوسط ومواجهة روسيا لضمان هيمنة الإمبريالية الأميركية على كل اليابسة الأورو-أسيوية .‏

لكن بغض النظر عن الاختلافات الجيو-استراتيجية فإن اعتراف رئيس أميركي في مكان أشعلت فيه واشنطن الحرب على فرضية (كاذبة) و(مرفوضة) انتهت بمقتل ملايين الأشخاص له تداعيات سياسية مباشرة بغض النظر عن نوايا ترامب .‏

وهذا يوازي الاعتراف الرسمي للحكومة الأميركية بأن الإدارات الأميركية المتتالية مسؤولة عن جرائم حرب أدت إلى القتل الجماعي .‏

اعترف ترامب بأن أميركا شنت حربها على العراق عام ٢٠٠٣ على (فرضية زائفة): (أسلحة دمار شامل)، وبعبارة أخرى أن حكومة جورج دبليو بوش كذبت على الشعب الأميركي وعلى شعوب العالم لتسهيل حربها العدوانية تلك .‏

وفق القانون الدولي، كانت هذه الحرب عملاً إجرامياً وانتهاكاً غير مبرراً لسيادة العراق، ففي اليوم الثاني للحرب العالمية الثانية دعت محكمة نورمبيرغ وصرّحت بأن التخطيط وشن حرب عدوانية شكلا الجريمة المطلقة للنازيين، التي نجم عنها جميع الأعمال الوحشية المروعة، وبنفس المبدأ تصرفت أميركا في عصر بوش ونائبه تشيني وخلفائهم من الحكومات الأميركية حيث تدخلت في الشرق الأوسط واتسعت في عدوانها إلى سورية وليبيا، مهدّدة بشن حرب جديدة ضد إيران .‏

كان الهدف الحقيقي للحرب أنه من خلال الغزو الطويل الأمد للعراق تتمكن أميركا من السيطرة على موارد الطاقة الهائلة في الشرق الأوسط مما يسهل لها الوصول إلى مصادر النفط الرئيسية لدى منافسيها في آسيا وأوروبا والتعويض عن أفول الهيمنة العالمية للإمبريالية الأميركية .‏

وصف موقع world socialist نتائج الهجوم الأميركي على العراق وشعبه بأنه (إبادة شعب)، تدمير متعمد لأكثر الشعوب تقدماً في مجال التعليم والرعاية الصحية والبنية التحتية في الشرق الأوسط .‏

كانت الخسائر التي سببتها هذه الحرب فادحة، فوفقاً لدراسة أجرتها كلية جون هوبكنز بلومبيرغ للصحة العامة عام ٢٠٠٦ ونشرتها في المجلة الطبية the lancet كان عدد قتلى الاجتياح الأميركي أكثر من ٦٥٥ ألف نسمة خلال الأشهر الأربعين الأولى للحرب .‏

أدت المجازر المستمرة الناتجة عن الاحتلال الأميركي وتبعياته إلى سقوط الكثير من الضحايا، أيضاً تدمير البنى التحتية للماء والكهرباء والصحة ما رفع عدد الضحايا بشكل أكبر، واستمرت المذابح الجماعية في عهد أوباما من خلال ما أطلق عليه عام ٢٠١٤ محاربة داعش .‏

هذه الحرب التي كانت مسرحاً لحملات القصف بعد فيتنام أدت إلى تدمير الموصل، الرمادي، الفلوجة وغيرها من كبرى المدن العراقية، وأدت إلى مقتل مئات الآلاف من الأشخاص .‏

وفقاً لإحصائيات حديثة، وصل عدد الوفيات في سنوات التدخل العسكري الأميركي في العراق في الـ ١٦ عاماً الأخيرة إلى ٢٤ مليون نسمة .‏

كذلك كان لهذه الحرب عواقب سيئة على المجتمع الأميركي حيث قتل ٤٥٠٠ جندي أميركي عدا المرتزقة عدا الجنود الذين يعانون من اضطرابات ما بعد الأزمة .‏

يتساءل ترامب ماذا عن العائلات الأميركية التي فقدت أولاداً وأخوة وعائلات خلال سنوات التدخل الأميركي في العراق.‏

أتقوم الحروب على الأكاذيب؟ على تلك العائلات مقاضاة الحكومة الأميركية بسبب سلوكها الإجرامي .‏

وصلت تكلفة الحروب الأميركية منذ عام ٢٠٠١ إلى ٦٠٠٠ مليار دولار ومعظم المبلغ تم إنفاقه في الحرب على العراق، وتكلفة فائدة الأموال المقترضة لتكاليف هذه الحروب ستصل إلى ٨٠٠٠ مليار دولار .‏

تكلفة هذه الحروب غير الشرعية الباهظة أدت إلى تدمير الحقوق الديمقراطية وفساد النظام السياسي الأميركي الذي تسيطر عليه الأجهزة العسكرية والاستخبارية بشكل متزايد .‏

يعتبر الصمت الذي تبديه وسائل الإعلام أمام اعتراف ترامب بجرائم الحرب التي ارتكبتها الإمبريالية الأميركية في العراق و سورية وغيرها من دول الشرق الأوسط تجريماً بحد ذاته .‏

لم تنتشر دعاية الدعوة للحرب في أي مكان كما نشرته النيويورك تايمز حيث أغرقت الرأي العام الأميركي بمعلومات مضللة حول وجود أسلحة دمار شامل في العراق، وعكَسَ ذلك تواطؤ كبرى وسائل الإعلام في هذه الجرائم .‏

إن كل من روّج لحرب العدوان هذه من رؤساء تحرير ومعلقين يجب أن يجلسوا في قفص الاتهام إلى جانب الذين شنوا مثل هذه الحرب .‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية