تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


رأي .. الرحيـــــــل نحـــــــو فكـــــــر متجــــــدد..

شؤون ثقافية
الخميس22-8-2019
عبدالمعين زيتون

أبحرنا في فضاءات الانترنت ذات الأفق المفتوح.. وأيا كانت أبعاد الرحلة فإن الرحيل يبقى محدوداً وإن طال, ذلك أننا نبحر في اللامحدود..

وأصبحنا الآن ندرك ونحن نعيش في هذا الفضاء أنه أمر واقع حتى لو اصطلحنا بأنه الواقع الافتراضي!..‏

وإذا كان من المنطقي أن نميز بين الواقع الحقيقي الذي نعيشه بالفعل وبين الواقع الافتراضي, لكن هذا الأخير (الواقع الافتراضي) يعد بجدارة قمة ما وصل إليه عالم اليوم في تاريخ الحضارة الإنسانية..‏

وإذا كان من الصحيح أنه شتان مابين أن نتصفح دمشق ومواقعها وشوارعها وأوابدها وكنائسها ومساجدها وحدائقها من خلال هذا الفضاء الافتراضي الرائع, ومابين أن نتنفس هواءها حقاً وأن يغمرنا عبق ياسمينها ونحن نمشي في أرضها وفي شوارعها ونقفز من مكان لآخر فيها, ولكن لانستطيع بحال أن ننكر على أنفسنا وعلى غيرنا وأن نفسد متعة قطف ثمار هندسة تكنولوجيا المحاكاة الرقمية أو هندسة الخيال الفكري الذي أبدعه عالم اليوم في مجال الانترنت وهو يبدع هذا الفضاء العلمي البديع..‏

إذ إن أي منا يستطيع وهو في دمشق أن يقوم برحلة افتراضية إلى متحف (اللوفر) في العاصمة الفرنسية وأن يتمتع بلا حدود في تصفح محتوياته ومقتنياته !!‏

دون أن ننكر أن وجودا افتراضيا في هذا المتحف الشهير, لا يعادل بحال من الأحوال الوجود الحقيقي فيه..‏

ونحن لانقصد هنا أن نذهب بأنفسنا إلى أبعاد أخرى لانقصدها بالتأكيد ؟..‏

فنحن لانقصد بالحديث الشائق عن (الواقع الافتراضي) أن ثماره كلها هي محض خيال علمي, إذ إنه لن يصدقنا أحد إذا ما ادعينا هذا الادعاء, وهو يرى بأم عينه كيف أصبح هذا الواقع الافتراضي واقعاً علمياً خالصاً يمارس في فضاءاته العلماء والباحثون شتى ابداعاتهم الانسانية ويتوصلون في مختبراتهم إلى أروع وأغلى اكتشافاتهم في الطب والتعليم والتدريب والتدرب على ممارسة أرقى الأنشطة الإنسانية في مختلف المجالات..‏

لقد أصبح الواقع الافتراضي - هذا- واقعاً علمياً لا يستطيع عاقل إغفال وجوده أو إنكار أهمية هذا الوجود, واقع علمي قائم بذاته, فإنجازاته ونتائجه وإنتاجاته هي الأخرى أيضاً أضحت حالة. قائمة ملموسة أنى اتجهنا في زواريب وزوايا يومياتنا المختلفة, بعد أن هيأ هذا الفضاء (الواقع الافتراضي) لإنساننا المعاصر أدوات الحوار الأرقى بينه وبين الأشياء من حوله, ووفر له كل إمكانيات التفاعل المنتج مع الآلة, ومع ( الغير)..‏

وبصرف النظر قليلاً (الآن), عن وظائف هذا الحوار والتواصل والتفاعل وأهدافه ومنتجاته ومخرجاته, فإن الحقيقة الكبرى التي وفرها هذا الواقع الجديد..هي هذه الرغبة الإنسانية, وهذه الفطرة البشرية منذ وجد الإنسان نفسه على هذا الكوكب, وهي التي تتلخص ببساطة في عشق الإنسان لنظيره وتطلعاته للقائه !!‏

ولن يختلف اثنان من العقلاء على فطرة الرغبة (هذه), في التواصل والتفاعل بين أبناء البشرية فوق الأرض..‏

إن هذه النزعة الفطرية أصيلة في روح الإنسان وقلبه وفكره, وإلا كيف لإنسان أن يعيش بمعزل عن نده و نظيره وأخيه ؟!!‏

بلى !‏

لقد وجد الإنسان في الأرض على شكل مجموعات ولم يجد نفسه فرداً مفرداً..‏

ثم انضوى في مجتمعات وأمم ليتواصل مع أخيه ويبني الأرض. ويعمرها معه وليس بمفرده أو بمعزل عنه..‏

فبورك في هذا الواقع العلمي وهو يسهل على الإنسان الوصول والتواصل مع أخيه...‏

وبورك بنا إذا أدركنا هذه الحقيقة !‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية