تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


ترامب والباذنجان

معا على الطريق
الجمعة 12-7-2019
ديب علي حسن

أظن أن ترامب أكثر رؤساء الولايات المتحدة الأميركية جرأة وقدرة على التعبير عما تكنه السياسة الأميركية تجاه العالم، فالكل يعرف المقولة الأميركية: الغاية تبررالوسيلة،

ولأن الغاية المال ثم المال والسيطرة على مقدرات العالم، فلاشيء يهم الساسة الأميركيين إلا أن يصلوا إلى ما يريدون، وكم كان ذلك الهندي الأحمر صادقا حين قال: ما أوقح هؤلاء الأميركيين، دموعهم غزيرة فوق جثث قتلاهم، بترجمة المعنى العامي ( يقتلون القتيل ويمشون في جنازته).‏

حقيقة لا أحد يماري بها، فضحايا أميركا منذ أن تأسست كدولة قامت على بقايا الملايين، ضحاياها كل يوم بازدياد ولايمكن لمتابع أن يقدم رقما دقيقا لأن دولاب أو ناعورة اغتراف الدم البشري تزداد كل ساعة وتمضي نحو المزيد، هنا ضحايا بقوة السلاح، وهناك بالحصار والجوع، وغيرها من الوسائل المختلفة.‏

ترامب في قفزته النوعية توحشا ووقاحة مع تبعه، كان جريئا حد القول إنه وحش كاسر يلتهم كل ما يحيط به، حتى الجراء التي تمضي وراءه لا تسلم منه، يسخر منهم، يفتك بهم وهم يبتسمون، بل ليس بمقدورهم أن يخرجوا من حبال الربط هذه، والغريب في الأمر أن الخراف التي تقاد إلى المذبح من حقها أن تبدي ولو مقاومة بسيطة، أما هؤلاء الأعراب مع كل ما يلحق بهم من إهانات وكوارث يمضون مخدرين، طائعين إلى حيث حتوفهم برضى وكأن السيد الأميركي يقودهم إلى واحات الخلود.‏

أما وقد يسأل أحد ما: ماعلاقة ترامب بالباذنجان، لا أدري إن كان من محبيه، لكن ثمة حكاية يتم تداولها عن الذرائعية بأكثر من وجه وغاية، كلّ يرويها بطريقته التي تقدم حسب ما يظن الفائدة والموعظة، تقول الحكاية: إن أميرا قال لخادمه: نفسي تشتهي الباذنجان، فذهب الخادم في مديح الباذنجان، وأسهب بذلك حتى جعله أفضل ما يقدم على الموائد، قلب أبيض، وقيمة غذائية عالية، وطعم لذيذ، يؤكل مشويا ومقليا ومطبوخا، وياله من طعام!!‏

لكن حدث أن غيّر الأمير رأيه وقال: لا أحبه، فانقلب الخادم على ما قاله: سرد مساوىء الأسود الوجه، وما يحمله من مضار، التفت الأمير إليه وسأل: كيف تغير رأيك بهذه السرعة؟ رد الخادم: أنا أعمل عند الأمير وليس عند الباذنجان، ما يراه الأمير أراه، هي تلك الحقيقة في البيت الأبيض، ما تراه الدولة العميقة هناك يراه ترامب، هو يعمل عندها، ولا تعمل عنده، من يظن غير ذلك واهم ومخطيء، ترامب هو الأكثر باذنجانية من الجميع، صفاقة نعم، ولكنها الاستراتيجية الحقيقية للنفعية الأميركية، لايهم قيم، مبادىء، حرية، هذه هلوسات الضعفاء، وشعارات يتاجر بها الأقوياء، رحم الله من قال القانون الدولي سطوة الأقوياء على الضعفاء.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية