تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


متحفان.. وأكثر/ 2

إضاءات
الثلاثاء 22-10-2019
سعد القاسم

توقفت زاوية الأسبوع الماضي عند جناح حسين الأيبش في المتحف المدرسي للعلوم وهو الجناح الذي أصبح نواة المشروع - المستمر- للتجمع الثقافي التربوي،

حيث انضم إليه عام 2012 المركز التربوي للفنون واللوحة الجدارية (إيقاع الحياة)، ومكتبة دمشق التربوية، والحديقة التبادلية للكتاب، وجدارية (دمشق السلام) عام 2018، والأحدث دمشق التربوية وصالة الفن المعاصر قبل أشهر قليلة.‏

في هذا السياق جرى الحديث عن الطيور والحيوانات المحنطة التي أوصى الأيبش بإهدائها إلى الدولة وكيف أن المتحف المدرسي يحتفظ بما أمكن ترميمه منها، بعد سنوات من الإهمال وظروف التخزين السيئة أضاعت معظمها، وذلك ضمن قاعات مشغولة بأناقة تعرض تلك الحيوانات والطيور في إطار بصري مشابه لبيئتها الأصلية بالاستعانة برسوم كبيرة على الجدران أنجزها ببراعة عدنان عبد الله أحد العاملين الموهوبين المغمورين الذي يعمل بصمت في المتحف. والذي غاب اسمه سهواً عن زاوية الأسبوع الماضي ما استوجب هذه العودة إلى مضمونها، توثيقاً للحالة، وإنصافاً لهذا الفنان الفطري البارع الذي قام متطوعاً بهذا العمل الجميل. وفي الواقع فإن قسماً كبيراً من مشروع التجمع الثقافي التربوي قد أقيم بعمل طوعي، أو ما يشبه الطوعي، بدءاً من تبرع الأشخاص بممتلكات خاصة إلى المتحف والمكتبة، مروراً بتأهيل المكان ذاته والذي استخدمت فيه مواد أعيد تدويرها من بقايا السيراميك وسواها، وكذلك من الخزائن والطاولات القديمة التي استخدمت بأشكال متباينة في تجهيز الرفوف وواجهات العرض التي حفظت عليها وفيها الكتب والمعروضات.‏

يضم المتحف المدرسي للعلوم عدداً كبيراً من المعروضات النادرة، بينها أدوات وآلات صارت محفوظات متحفية بجدارة بعد أن تطورت أشكالها اللاحقة بشكل كبير، كآلات التصوير والعرض، والأجهزة الميكانيكية والكهربائية، موثقة بشكل غير مباشر التطور العلمي والصناعي خلال عقود كثيرة. وإلى ما سبق يضم المعرض سجلات مدرسية تاريخية، ولوحات نادرة منها لوحة للخطاط الكبير بدوي الديراني، وثانية لأستاذه رسا، وأذكر هنا أن أستاذنا حلمي حباب، رحمه الله، قال لنا مرة في معرض حديثه عن كلا الخطاطين - المعلم والطالب - : إن (رسا) قد تدرب على يد معلم خط كبير ولما أتم تعلم الخط قال له أستاذه: «لقد رسوت في الخط» ومن هنا جاء اسمه. كما يضم المتحف مجموعة كبيرة من لوحات الفنان الراحل محمود جلال العشا التي تصور الحياة الاجتماعية التراثية في دمشق باستخدام صفائح الخشب الرقيقة، ومعها مقالة للدكتور محمود شاهين في مجلة الإذاعة والتلفزيون (فنون) نشرها إثر معرض للراحل في المركز الثقافي العربي بدمشق. أهدتها جميعها عائلته للمتحف التربوي.‏

ولا يستوفى الحديث عن المبادرات الخلاقة دون الحديث عن مكتبة دمشق التربوية، فقد قامت هذه المكتبة بدورها على فكرة أطلقها الفنان موفق مخول الذي لاحظ وجود عدد كبير من الكتب في المكتبات المدرسية، هي في واقع الحال خارج الاستفادة لسبب أو آخر، فاقترح تجميعها في مكتبة مركزية واحدة تكون متاحة للجميع، وتضم أماكن للقراءة منها ما هو مخصص للأطفال، وهذا ما كان فعلاً فكسبت دمشق مكتبة ثرية تضم بين ما تضم مجموعة من الكتب القديمة النادرة. وهو أمر أثار تقدير عدد من المثقفين فقاموا بإهدائها مكتباتهم الشخصية، وفي مقدمتهم المخرج القدير علاء الدين كوكش، التي خصصت المكتبة ركناً خاصاً من ثلاث غرف مفتوحة على بعضها لحفظ الكتب والدوريات الثقافية التي أهداها للمكتبة، والبالغ عددها 25 ألف كتاب ومخطوطة.‏

التجمع الثقافي التربوي يستحق الكثير من الإضاءة والإشادة، ومن حق وزارة التربية أن تحتفي به، وبعض مظاهر الاحتفاء إنجاز أفلام توثيقية عن أقسامه كلها تكون متاحة أمام من يرغب على اسطوانات مدمجة.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية