تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


مرة واحدة على الأقل..!

رؤية
الاثنين23-3-2020
سعاد زاهر

الرابعة صباحاً، امتدت يدها الى المنبه أطفاته وعادت تسترخي قليلاً، في فراشها الدافىء...!

سرعان ماشحنت همتها ونهضت لتفتح رذاذ الماء تاركة إياه بنعومة على حشائش حديقتها الممتد على كامل مساحتها الكبيرة، بدا اليوم متألقاً، رغم العتمة الصباحية، التي حيرت شعاع النور الصغير المنسل اليها بتدلل.‏

بينما تهرع الى باب المطبخ عائدة، التفتت إلى حشائش الزينة، وتلك الاوراق المتدلية من الأحواض الجانبية، ثم تذكرت انها أمضت عشر سنوات تسقيها وترعاها يومياً، حتى عندما تغيب، سرعان ماتسلم المهمة لإحدى الصديقات..!‏

كانت تشعر أنها أهم ما تملكه ويمتعها، انقباض ما فاجأها، حين انتبهت إلى شجرة زيتون تقترب من نباتات زينتها، بشموخ غريب..‏

خاطر ما، طاردها..‏

ياللهول، ليتني فعلتها..سابقاً!‏

مرات عديدة خطرلها زراعة أنواع اخرى من الأشجار أياً كان نوعها برتقال، زيتون.. وبعض الخضراوات.. هجوم عملها وانشغالها الدائم به، كان يميت تلك النباتات قبل أن تصبح واقعاً.‏

الخارج على مايبدو محتدم.. لا المحلي بل في كل مكان من العالم..‏

الكورونا يطاردنا بشراسة، والأفكار تطاردنا بعنف أكبر..‏

وهاهي تفكر باقتلاع حديقتها وتحويلها إلى مزرعة خضراوات مع بعض الأشجار..!‏

حتى لاتفقد توازنها،كما حدث لصديقتها المحاصرة من بعيد، حين رمت ورودها، وأحضرت بذورا مفيدة لزراعتها، ثم اكتشفت انها تحتاج الى وقت لتنمو، وهي تريد حلولا سريعة.. لتأمين الطعام..!‏

تركت الماء ينهمر.. ودخلت الى منزلها، لم تعد تدري لماذا بدأت تشعر أن كل مافيه يشبه نباتات الزينة، تلك التحف الموضوعة بعناية في امكنة عدة..، كل هذه الصحون.. الأدوات المتكدسة التي لا تستخدم إلا فيما ندر..‏

لم تكن المرة الأولى التي يخطر على بالها.. كم نملأ حياتنا بفائض تزييني، في لحظة يتحول الى عبء يخنق حياتنا يعقدها.. بل ونتمنى التخلص منه..‏

رغم أننا نواصل الليل بالنهار للعمل.. دون أن نترك لأنفسنا دقيقة استمتاع معتقدين ان الحياة في انتظارنا، واليوم نحتار كيف سنتخلص من كل هذه الأغراض.. حتى لا نضطر الى تعقيمها يومياً مرة واحدة على الاقل..!‏

soadzz@yahoo.com‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية